صباح حضرموت
اليوم يطلق على المنطقة الواسعة في وادي حضرموت، الواقعة بين الهجرين والقطن: الكسر، وسميت بالكسر لانكسار حدة تدفق مياه السيول القادمة من الوديان الغربية والجنوبية الضيقّة، (مثل وادي عمد ووادي دوعن ووادي العين وغيرها)، وجريانها بسلاسة في عرض المسيال الرئيس لوادي حضرموت. والكسر أعرض مناطق وادي حضرموت.
في ستينيات القرن الماضي، بعد أن شقت الطريق الذي يربط اليوم بين سيئون والمكلا والمناطق الغربية في الجانب الجنوبي من الكسر، فقدت جميع البلدات والقرى التي تقع شماله أهميتها، ولم يُعد الناس يعرفونها اليوم، ومن تلك البلدات: هينن، التي تقع تحت جبل يسمى (جبل قمران)، مقابل بلدتي حورة وبن عيفان في الجنوب.
وفي القدم، كانت هينن تقع في طريق تجارة البخور، وظلت تشكل أهم بوابة لوادي حضرموت من جهة الغرب، وفيها توقف معظم الرحالة الغربيين الذين زاروا حضرموت، مثل فان دن ميولن وعبدالله فيلبي وإيفا هوك، وتحدثوا عنها كثيرا في سرد رحلاتهم. وقد أوردت ما كتبه هؤلاء عن هينن في مقال نشرته قبل بضع سنوات بعنوان (آل مرتع وإخفاقات مسار التحديث في هينن)
كما تعد منطقة هينن من أقدم الأماكن التاريخية والأثرية في حضرموت، وقد شهد وادي أو مسيال صوران، أحد روافد وادي هينن، في نهاية القرن الثالث الميلادي معارك عسكرية شرسة شنّها الملك السّبئي سعرم أوتر، وأزيلت من الوجود في هذه الحروب مدينة صوران المذكورة في النقوش، والتي تشهد عليها أنقاضها المبعثرة اليوم في الوادي. وكانت هينن حاضرة قبائل كندة الحضرمية زمن الرسول الذي قال في (تجيب)، أحد فخائذها: "وأمّا تجيب فقد أجابت الله". وعندما ذكر الهمداني هينن في كتابه (صفة جزيرة العرب)، قال إنها حاضرة قبيلة تجيب.
وقبل أن يختار بدر بوطويرق هينن عاصمة له في القرن العاشر للهجرة كانت المدينة حاضرة مهمة، وفيها حجز سلطانها راهبين يسوعيين لمدة ثلاثة أشهر قبل أن يرسلهما إلى صنعاء. وقد ذكر ذلك الراهبان في سرد رحلتهما القسرية من سيحوت إلى صنعاء عبر وادي حضرموت في مطلع القرن التاسع الهجري. (انظر كتابنا حضرموت في كتابات الأجانب)
واليوم تتبع هينن إداريا لمديرية القطن في حضرموت، وتتوزع في ثلاثة أقسام:
1- البلاد وهي نواة المدينة،
2- الحزم الذي أسسه المنصب شيبان بن أحمد، وفي جنوبه توجد المناطق الزراعية والنخيل والآبار،
3- ووادي هينن الذي يطلق على بدايته السيلة وعلى نهاية العقبة.
ويطلق على الخرائب المتبقية من هينن القديمة: العاديّة، ويرى بعضهم أنها تعود إلى فترة ما قبل الإسلام نسبة الى قوم عاد.
وتزامن انتعاش مدينة هينن سياسيا من انتعاشها أدبيا وفكريا، فقد شهدت هينن ازدهارا فكريا وثقافيا كبيرا بفضل إسهامات أدبائها وعلمائها من آل بن أسحاق وآل باهرمز وآل بامخرمة، ومنهم الأديب المشهور عمر بامخرمة المدفون في سيئون، وعبدالرحمن باهرمز الشبامي، الملقب بالخِضرْ والمدفون في هينن، والشاعر الشعبي سعيد سالم الشّواف مؤلف ديوان (قصعة عسل).
أبرز معالم هينن :
1- حصن فرحة الذي شيده السلطان بدر بوطويرق
2- أطلال قصور آل مرتع وأهمها قصر سنغافورة
3- حصن النّيجر الذي حاصر فيه الصحابة قبيلة كنّدة أثناء حروب الرّدة سنة 11هجرية في عهد الخليفة أبوبكر الصّديق. ويقع الحصن في الجهة القبلية من هينن على جبل صغير حيث توجد عليه بقايا مساكن كندة.
4- القبّة التي دفن فيها المنصب صالح بن شيبان بن أحمد بن سحاق.
5- مقبرة الحثم التي دفن بها عدة مشائخ من آل اسحاق ومن القبائل الأخرى.
6- جامع هينن ويعد أقدم مسجد في هينن.
7- كوت محجور الواقع في الحزم
8- المصنعة وهي قلعة تاريخية تقع في مدخل البلاد، ويقال إنها تعود إلى زمن آل بني هلال. وهناك سيرة هلالية حضرمية تؤكد أن قبيلة بني هلال قد نجعت من هينن إلى برقه وقابس في المغرب العربي.
#كلمات_دالة :
صباح حضرموت