قضية المغتربون ..قصة معاناة وكفاح - صباح اليمن قضية المغتربون ..قصة معاناة وكفاح

قضية المغتربون ..قصة معاناة وكفاح


كم من القسوة جدا أن يكون خيار الغربة هو المسلك الوحيد للنجاح وتحقيق أحلامك والهروب من المعاناة والواقع المرير في وطننا الأم 

لاشك أن الهجرة أمر بها الله سبحانه وتعالى الأنبياء و المؤمنين 
عندما يتعرضون للأذى والظلم سواء من الحاكم أو المجتمع ،والأدلة القرآنية واضحه جدا وقد جعل الله الأجر والثواب للمهاجر في سبيله 

والبعد والرحيل عن الوطن والعائلة والأصدقاء من الأشياء التي لا نتمناها، ولكن الظروف أبت أن تطاوع مانريد لذلك أجبر الكثير منا أن يتخذ الغربة طريقا في أن يكمل الحياة .

الاغتراب أو الارتحال والتهجير ،قديمة قدم الإنسان الذي يجول على هذه الأرض في صراعه ضد الطبيعة ،والوحوش الضاربة أولا، ومن ثم أخيه الإنسان الذي أثبت الآن أن الصراع مع وحوش الغابة أسهل بكثير من صراعات البشر بين أنفسهم.

إذا تصفحنا التاريخ فمعظم الأنبياء والرسل والدعاة وقادة الثورات والأحزاب والإصلاح والتغيير تاريخياً وحتى هذه اللحظة عاشوا تجربة الأبعاد والنفي والتهجير أو الإغتراب إبتداءاً من السيد المسيح والنبي محمد إلى لينين، وماركس، عبدالقادر الجزائري إلى سعد زغلول، إبراهيم هنانو ومطران كبوتشي وعبدالله أوجلان وقادة الأحزاب الكردية في سوريا والعراق وإيران، وقادة المنظمات الفلسطينية وأصحاب المواقف الوطنية والرأي هرباً من الطغاة والظلم والأنظمة الرجعية الشوفنية المستبدة الحاقدة.

أسباب الإغتراب:
  هناك أسباب عديدة وكثيرة للإغتراب كما نعلم، أهمها الأسباب الإقتصادية، السياسية، الدينية، الثقافية، والعلمية. ولا ننسى الحروب المستمرة والمجازر الفردية والجماعية في المدن والسجون والإنتفاضات  والإغتيالات. وأخطر وأقسى هذه الأسباب هي الأسباب السياسية تحت ظل أنظمة القمع والرعب والخوف واللصوصية في الدول الشمولية ذات الحزب الواحد والبعد.

لا نستطيع أن ننكر أن السفر للخارج للدراسة أو للعمل تجربة ثرية، فالدراسة في الدول المتقدمة في مجالك تساعدك على بناء قاعدة علمية قوية تكون سنداً لك في مشوارك البحثى أو العملي فيما بعد.


فهد الكثيري أحد من الذين كتب لهم أن يذوقوا طعم الغربه يقول :
 ليس هناك شخص يود أن يغترب من بلاده لكن الحياة قدرت لنا ذلك 
فالغربه علمتني الصبر وتعلم ثقافه الآخرين والتعايش معهم .

أما آلين السقاف تقول :
الغربه كربه فعلا،لكن افادتني كثيراعلى مستوى الشخصيه، فشخصيتي أصبحت اقوى وصرت أعتمد على نفسي دون الحاجة لأحد،
وعلى مستوى الحياة الاجتماعية أصبحت لي صداقات من تلك البلد الذي تغربت فيه ومازلت على وصال معهم 
أيضا بالغربه تعرف الصديق الحقيقي الذي يقف معك وتعرف الصديق المزيف الذي يتخلى عنك
الغربه تبلور العلاقات صح.

أما عدنان السقاف كانت الغربة له تجربة مميزة يحكي فيها 
الغربة مدرسة متكاملة،تعطيك
 دروس لا تجدها وأنت في وطنك، مهما كانت ظروفك قاسية وتحدياتك صعبة.
في الغربة تتعرف على حقيقة نفسك وقدراتك، تتعرف على طبيعتك ومكامن قوتك وضعفك. 
 في الغربة تعلمت الصبر، وتعرفت فيها على قيمة الوطن والأهل والناس الذين تتشابه بهم 
بالغربة تخشى أن تٌصاب بمكروه ولا تجد من يهرع لنجدتك. في الغربة يرتفع منسوب الحنين للوطن وكل ما هو في الوطن حتى أعداءك هناك، أي خبر سيء عن الوطن يكون وقعه أكبر على المغترب بمراحل،الرصاصة التي تُطلق في الوطن تُحسب كقنبلة ذرية في صدر المغترب. 
في غربتي الأخيرة والحالية، الدروس أصبحت أبلغ والألم أكبر ، أنا هنا غريب بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لا يجمعني مع من هم حولي سوى كوني مخلوق بشري نتشارك نفس الوظائف البيلوجية فقط. 

ولكنها جميعًا أرض الله..( الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) لابد لنا أن  نغترب . والعودة عساها حميدة ومفيدة للوطن.

للإغتراب عن الوطن في الواقع تأثيرات على الفرد عديدة ومتنوعة أهمها الروحية والفكرية والاجتماعية وكذلك نتائج كارثية قريبة وبعيدة على الوطن الأم وعلى الفرد ومن ثم العائلة التي ينتمي إليها فقد ساهمت في تهديم البيوت والأسر والعائلات، مشاكل وضياع أبناء وزوجات لغياب الرجل أو الأم عن الأسرة لفترات طويلة، وأخيراً ضياع الأجيال الجديدة المنقطعة عن جذورها وقضاياها مما يزيد من ألم الغربة وحرمان الوطن من أيدي عاملة، وطاقات ماهرة، وكوادر مؤهلة فنية علمية،مهنية ،إنتاجية، إلى جانب الخبرات وحتى الرأسمال الوطني إلى الخارج حرمان الوطن من العقول النيرة المتعلمة والمثقفة من علماء وباحثين، واختصاصات عديدة تذهب إلى أوطان بعيدة غريبة يخسرها الوطن كما يحصل ويحصل بنزيف أدمغة المٌستعمر للخارج من بلادنا وبلدان العالم الثالث عموماً، وهذا بالتالي يؤدي إلى إفراغ الوطن من دعائم نهضته وتنميته، وتحضره وتقدمه وتزيد من الوضع سوءاً على سوء، وتصحراً وتدهوراً على جميع الأصعدة، ليبقى المستعبدون وحدهم في السلطة والحكم، لا أحد يسألهم أو يحاسبهم على جرائمهم.

ليس هناك مغترب لا يرغب بالعودة إلى وطنه 
فالغربة ليل بلا قمر،وعيش بلا مُسْتَقَر،وألمٌ مُستمر،
لذلك هنا نخاطب دولتنا وحكومتنا بأن تهتم للمغتربين  أن يجعلوا ملفا خاصا لمتابعة المهاجرين لتخليصهم من ذل التشرد والغربة وحثهم على العودة وسن قوانين جديدة لحمايتهم من الفقر وتهيئة الفرص لهم لكي يشاركون بفاعلية في ازدهار  وطنهم وبناء حياتهم.

م.ع 

إرسال تعليق

أحدث أقدم