كما كان متوقعا منذ مدة، أصدرت لجنة الأخلاقيات للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قرارها بإيقاف رئيس الاتحاد الافريقي أحمد أحمد لمدة خمس سنوات وتغريمه 200 ألف فرنك سويسري بتهمة الاخلال بواجب الولاء واساءة استغلال المنصب وسوء التسيير، وبالتالي منعه من ممارسة أي نشاط إداري أو رياضي يتعلق بكرة القدم وطنيا ودوليا، ومنعه من الترشح لعهدة ثانية على رأس الاتحاد الافريقي لكرة القدم في انتخابات مارس/آذار المقبل، في سيناريو كان منتظرا منذ مدة بسبب الشبهات التي كانت تحوم حول الرجل، ونوايا الفيفا الواضحة في التخلص من الملغاشي لاستكمال أجندة إنفانتينو باستحكام قبضته على الهيئة القارية والتخلص من السنغالية فاطمة سامورا من خلال تعيينها أمينة عامة للكاف، وتكليف أمين عام جديد للفيفا خلفا لها بعدما أنهت مهامها القذرة وانتهت مدة صلاحيتها.كل هذا السيناريو سيتجسد بعدما منح أحمد الفرصة على طبق لإينفانتينو بسبب شبهات الفساد التي حامت حوله وفشله الذريع في الحفاظ على استقلالية الكاف وتسييرها بالشكل اللائق، بعدما صارت الفيفا وصية عليها تقرر في مكانها منذ تكليف الأمينة العامة للفيفا فاطمة سامورا بلجنة الرقابة والتفتيش على الكاف، لذلك لم يجد المساندة من الاتحادات القارية التي تخلت عنه بسرعة، وراحت تتموقع مع أحد المرشحين الأربعة للرئاسة والذين يتقدمهم مرشح جنوب افريقيا باتريس موتسيبيه مالك نادي صن داونز وصهر رئيس البلاد الذي يحظى بدعم اينفانتينو، الى جانب الإيفواري جاك أنوما، ورئيس الاتحاد الموريتاني أحمد ولد يحيى، وكذا السنغالي أوغستين سنغور الذي يلقى بدوره دعم الكثير من الاتحادات القارية، ويملك حظوظا كبيرة لإحداث المفاجأة والظفر بمنصب الرئيس.
اذا كانت عضوية مجلس الفيفا حسمت نظريا بدون عناء منذ زمن، فإن المفاوضات جارية خلال هذه المرحلة بين المرشحين الأربعة لإيجاد توافق يفضي الى انسحاب الإيفواري جاك أنوما والموريتاني ولد يحيى ودعمهما للمرشح السنغالي، ليختزل الصراع بينه وبين مرشح جنوب افريقيا، بينما يستمر الشد والمد في الجهة المقابلة بين رئيس الفيفا إينفانتينو وأمينته العامة فاطمة سامورا للتوافق حول الرئيس المقبل الذي ستعمل معه السنغالية كأمينة عامة للاتحاد الافريقي، لذلك ستحاول دعم ابن بلدها سنغور الذي يلقى دعم الرئيس المخلوع أحمد وعديد الاتحادات المحلية، لكن النفوذ السياسي والاقتصادي والمالي لمرشح جنوب افريقا أحد أقوى رجال الأعمال في القارة، وقوة بلده في إقناع البلدان الافريقية بدعم ممثلها، قد تصنع الفارق في نهاية المطاف.
ورغم أن الكاف وكل الاتحادات القارية ليست تابعة للفيفا من الناحيتين الإدارية والهيكلية التي تتبعها الاتحادات المحلية بحكم عضويتها فيها، إلا أن هيئة إينفانتينو تحذو حذو القوى العظمى التي تقرر من يحكم في العالم الثالث، وصارت تتحكم في الهيئة الإفريقية منذ ترحيل عيسى حياتو الذي كان رغم عيوبه ومساوئه حصنا منيعا استعصى على كل رؤساء الفيفا على مدى ثلاثة عقود من الزمن، قبل صعود الملغاشي أحمد الذي أطيح به قبل نهاية عهدته الأولى رغم تنازلاته المتراكمة وضعفه الكبير واخفاقه في الحفاظ على استقلالية قرار الاتحاد الافريقي ومصالحه، وفشله في الحفاظ على منصبه الذي كان فيه جزءا من ديكور تقرر تغييره بعد فترة وجيزة.
الى غاية اليوم يلقى مرشح جنوب افريقيا دعم إينفانتينو والاتحادات الأنغلوساكسونية، ويلقى السنغالي دعما من أحمد والكثير من الاتحادات القارية الفرنكوفونية، لكن لا أحد بإمكانه التكهن بما سيحدث بعد شهور من اليوم في قارة المعجزات التي وجد فيها الملغاشي نفسه رئيسا للكاف خلفا لعيسى حياتو، ليجد نفسه بدوره معرضا لعقوبة تمنعه من استكمال عهدته بدون أن يقدر الأفارقة على تقرير مصيرهم بسبب تواطؤهم وتحالفهم مع القوي والغني وصاحب النفوذ بغض النظر عن البرامج والأفكار والمصالح الكروية للقارة السمراء التي يتم دهسها وعفسها كل مرة من أبنائها قبل غيرهم.
#كلمات_دالة :
مقالات الرأي