صباح حضرموت | خاص
كان للقرار الملكي السعودي بإقالة قائد القوات المشتركة الفريق الركن فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود، وإحالته مع ضباط ومدنيين آخرين للتحقيق، بينهم نجله "عبد العزيز"، صدىً غير عادي في وسائل الإعلام العربية المختلفة، خصوصاً وأنّ الرجل مسؤول مباشر عن قيادة عمليات التحالف العربي في اليمن منذ سنوات.
الأمر الملكي السعودي، الذي صدر في وقت متأخر من مساء أمس الاثنين، أرجع أسباب ذلك إلى ما "تم رصده من تعاملات مالية مشبوهة في وزارة الدفاع وطلب التحقيق فيها، وما رفعته الهيئة عن وجود فساد مالي في الوزارة، وارتباط ذلك بالفريق الركن فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود، وسمو الأمير عبد العزيز بن فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود، وعدد من الضباط والموظفين المدنيين وآخرين".
لكنّ مراقبين ونشطاء يمنيين رأوا أنّ ذلك ربما يرتبط بصورة أو بأخرى بالوضع العسكري في اليمن، خصوصاً وأنّ فهد بن بتركي وبحكم منصبه قائدا للقوات المشتركة منذ فبراير/شباط 2018 على معظم عمليات القوات السعودية داخل اليمن، وتابع تمويل وتسليح القوات الحكومية اليمنية والتنسيق معها عسكريا.
وتمنّى العميد العسكري خالد النسي، أن التغييرات العسكريه في السعوديه، تنعكس إيجاباً على الحرب في اليمن بحكم أنّها قائدة التحالف.
وأضاف النسي في تغريدة له على تويتر "كان هناك قصور وأخطاء صاحبت إدارة الأزمة اليمنيه سمحت بإطالة الحرب التي استفادت منها لوبيات الفساد وجماعات الإرهاب."
في حين رأى الصحفي ماجد الداعري، رئيس تحرير مراقبون برس، على تويتر، أنّ "تكليف قائد عسكري محنّك من غير العائلة السعودية الحاكمة كالفريق الركن مطلق بن سالم الازيمع،نائب رئيس هيئة الأركان العامة،.. لتوّلي قيادة القوات المشتركة، دليل على إصرار القيادة السودية على البحث عن كفاءة قيادية قادرة على تصحيح مسار التحالف ومراجعة أخطائه وتقييم حربه في اليمن".
وتسائل عضو الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي جمال بن عطّاف، عقب صدور هذه القرارات، "هل ستبدأ أوراق توت الشرعية المتآمرة بالتساقط؟"، مشيراً في تغريدة له على تويتر، إلى تحويل معركة صنعاء، ضد المناطق المحررة في الجنوب.
أمرٌ جيد
ميليشيات الحوثي بدت متفائلة هي الأخرى بالقرارات السعودية، ولكنه تفاؤل مشروط بوقف الحرب.
يقول رئيس اللجنة الثورية العليا للحوثين محمد علي الحوثي، في تغريدة له على تويتر، أنّ "عزل تركي أمرٌ جيد، إن كان من أجل إيقاف الحرب".
الصحفي اليمني عزت مصطفى نشر عقب صدور قرارات السعودية سلسلة تغريدات، نسبها لمصادر "في هيئة المستشارين"، توقّعت صدور قرارات جمهورية بإقالة شخصيات يمنية مؤثّرة، واتخاذ إجراءات بحقها، قد تشمل حزب الإصلاح.
الأمير فهد بن تركي وعلي محسن الأحمر نائب الرئيس اليمني (مواقع تواصل)
الإعلام السعودي: لا حصانة لأحد
وعلى الرغم من الارتباط الوثيق الذي يجمع الأمير فهد بن تركي بقيادات بارزة في الجيش اليمني تنتمي لتنظيم الإخوان المسلمين، كنائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر، ساهمت في إفشال جهود التحالف العربي في معركته ضد حلفاء إيران في صنعاء، إلا أنّ الإعلام السعودي لم يُشر من قريب أو من بعيد لصلة هذه القرارات بالملف اليمني.
واعتبرت صحيفة عكاظ في افتتاحية لها الثلاثاء، عنونتها "لا حصانة لأحد في عهد أبو فهد" أنّه بات "أكيداً أن مقولة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان «لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد سواء كان أميراً أو وزيراً»، لم تكن عبارة عابرة فحسب، بل هي واقع ملموس وحرب ضروس ضد كل من سولت له نفسه العبث بالمال العام أو مارس أي تجاوزات إدارية أو مالية."
وقالت عكاظ أنّ "الرياض نجحت في إرسال رسالة قوية مفادها بأنّ الجهات الرقابية لن تتسامح مع الفاسدين، دون النظر لأي اعتبارات. ولم تكن حرب السعودية الضارية مع الفساد ترفاً، بل جاءت ضرورية للنهوض تنموياً وحماية المال العام."
وأشارت الصحيفة السعودية البارزة أنّ "ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وضع مكافحة الفساد نهجاً بدأه بترسيخ قيم النزاهة والأمانة والموضوعية والحياد والشفافية للضرب بيد من حديد، لإعادة الحقوق وردع المتنفذين الذين قادتهم أطماعهم، وأنفسهم الضعيفة للاستيلاء على ما ليس لهم بغير وجه حق."
أمّا الباحث السياسي السعودي فهيم الحامد فاعتبر القرارات الصادرة، حسب ما نشرته صحيفة المواطن السعودية، “مشهد آخر من سلسلة مشاهد مكافحة الفساد، الذي تم إطلاقه في نوفمبر 2017 من خلال الأمر الملكي بإنشاء لجنة عليا برئاسة سمو ولي العهد”.
وتابع الحامد “في ذات الشهر تابعت اللجنة عملها وتم كشف قائمة موجهة لعشرات الأمراء والمسؤولين، واستمرت سلسلة الكشف عن الفساد والمفسدين قبيل شهر حيث تم الكشف عن مجموعة بناء على ما ورد من الهيئة الملكية لمحافظة العلا، حيث تم الكشف عن جانب آخر يتعلق بالتعديات”.
تطويق الفساد
وقال فهيم الحامد “نحن نتحدث عن كيفية إقامة دولة القانون، واليوم المشهد رغم أنه يأتي في نفس المسار لكن يختلف كونه أن القيادة لم تتردد في الكشف عن عمليات فساد داخل وزارة الدفاع، وكما تعلمون وزارة الدفاع وزارة سياسية يرعاها سمو ولي العهد وهذا ما يؤكد حرصه على تنظيف الوزارة من الفساد”.
وتقول صحيفة المواطن السعودية، معلّقة على ذلك "قرارات اليوم حقيقة تعكس إطار عمل مؤسسي لتطويق الفساد ولكن من خلال خطوات جدية ومحددة لمكافحته الفساد وقطع دابر كل من يستغل مصالحه الشخصية والتكسب منها."
يشار إلى أنّ قيادة القوات المشتركة بوزارة الدفاع السعودية مسؤولة عن "تعزيز الكفاءة القتالية والجاهزية للقوات وقيادة العمليات القتالية بناء على التهديدات الناشئة والبيئة الأمنية على المستوى الإقليمي"، وتعمل "ضمن تحالفات إقليمية ودولية لضمان أمن المملكة"، وفقا لموقع وزارة الدفاع.
وكان هذا الفرع يعرف باسم "قيادة القوات المشتركة ومسرح العمليات" عندما تم تفعيله في الرياض خلال حرب الخليج الثانية عام 1990.
وسواء كانت هناك صلة مُعلنة أو غير مُعلنة لقرارات الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بإقالة فهد بن تركي، بالملف اليمني، إلا أنّ ذلك، بحسب مراقبين، قد ينعكس بصورة أو بأخرى على السياسة العسكرية للتحالف العربي في اليمن، ويُعيد تقييم الأداء العسكري والاستراتيجي للسعودية تجاه كثير من الملفات هناك.