صباح حضرموت
وكالات
أعلن في العاصمة البنغالية دكا، مساء الأحد، وفاة الطيار سيف الله الأعظم عن عمر ناهز الـ80 عاما في المستشفى العسكري بالعاصمة.
ورحل الطيار الأعظم تاركًا خلفه سيرة عسكرية حافلة وفريدة كونه الطيار الوحيد في العالم الذي أسقط أربع طائرات للاحتلال خلال حرب الأيام الستة عام 1967، كما أنه الطيار الوحيد في العالم الذي خدم في بيئة حرب لأربع قوات جوية لدول مختلفة هي باكستان وبنغلاديش والأردن والعراق.
ولد سيف الله جميل الأعظم أو أعظم أو عزام، حيث تكتب كنيته بصيغ مختلفة، عام 1941 في بابنا أقصى شرق الهند بمنطقة توجد في بنغلاديش الحالية، وعاشت عائلته في كالكتا حتى قرار تقسيم الهند عام 1947، وحينها هاجرت العائلة إلى باكستان التي استكمل فيها تعليمه الأساسي.
التحق سيف الله بعد ذلك بأكاديمية القوات الجوية في باكستان عام 1958 وأصبح طيارا حربيا، وتعززت كفاءته القتالية عام 1963 بتلقيه دورة تدريبية في قاعدة جوية بولاية أريزونا الأمريكية احترف خلالها الطيران بطائرة "إف-86 سابر"، ثم عاد ليطير بنفس الطائرة مع سلاح الجو الباكستاني عام 1963.
عين سيف الله مدربا للطيران في قاعدة موريبور الباكستانية عام 1963، ثم شارك في الحرب الباكستانية الهندية عام 1965 ضمن السرب الـ17 الذي نجح في تنفيذ هجمات ضد أهداف هندية، وحاصرته طائرتان هنديتان في الجو ونجح في إسقاط إحداهما والعودة سالما لقاعدة سارجودا الجوية، وبعد الحرب رقي قائدا للسرب الثاني في سلاح الجو الباكستاني عام 1966.
من الأردن إلى العراق
وفي نهاية عام 1966 عين سيف الله مستشارا معاراك لسلاح الجو الملكي الأردني، ليجد نفسه في 5 حزيران 1967 وجها لوجه مع سلاح الجو التابع للاحتلال حين قصفت أربع طائرات حربية للاحتلال قاعدة المفرق الجوية الأردنية، وذلك بعد وقت قصير من تدمير طائرات سلاح الجو المصري في قواعدها الجوية.
وبعد موجة الهجوم الأول المفاجئ استعد الطيارون الأردنيون ومعهم سيف الله للمعركة التالية، وتصدى ورفاقه للغارة الثانية وأسقط إحدى طائرات الاحتلال المغيرة، وأصاب أخرى لم تتمكن من العودة إلى قاعدتها وسقطت داخل الأراضي المحتلة.
وبعد تدمير طيران الاحتلال عددا من الطائرات الأردنية بهجوم على قاعدة المفرق الجوية انتقل سيف الله إلى سلاح الجو العراقي، حيث لمع اسمه في الأجواء العراقية، وتمكن من إسقاط طائرتين للاحتلال مغيرتين، ليسجل اسمه في التاريخ العسكري للمنطقة باعتباره أول طيار مقاتل يتمكن من إسقاط أربع طائرات حربية للاحتلال في غضون 72 ساعة فقط.
حصل سيف الله على العديد من جوائز الشجاعة من الأردن والعراق وباكستان لمهارته غير العادية وشجاعته في الحرب.
وبعد استقلال باكستان الشرقية (بنغلاديش) عام 1971 عين سيف الله مديرا لأمن الطيران في سلاح الجو البنغالي، ثم رقي مديرا للعمليات فيه وقائدا لقاعدة داكا الجوية عام 1977، وتقاعد عام 1980، ثم عين مديرا لهيئة الطيران المدني البنغالية لفترتين، ثم انتخب عضوا في البرلمان البنغالي بين عامي 1991 و1996، وكرمه الجيش الأمريكي عام 2000 بتضمين اسمه في قائمة أفضل 22 طيارا على قيد الحياة "قائمة النسور الأحياء".
وتؤكد تقارير إعلامية وعسكرية باكستانية أن سيف الله لم يكن الطيار الباكستاني الوحيد الذي شارك في معارك جوية في حرب عام 1967، فتذكر أن طيارين آخرين عملوا في مختلف الجبهات العربية أسقطوا مع سيف الله في حرب 1967 ما لا يقل عن عشر طائرات حربية للاحتلال في تلك المواجهات العصيبة.
وتفيد تلك التقارير أيضا بأن باكستان كان لها وحدة تضم ما لا يقل عن 16 طيارا خدموا متطوعين في الأردن ومصر وسوريا والعراق في حربي 1967 و1973، وتذكر أن طيارا باكستانيا كان يطير بطائرة "ميغ-21" في سوريا، وخلال معركة جوية في حرب تشرين الأول 1973 أسقط طائرة ميراج تابعة للاحتلال، وفي الجبهة المصرية أسقط طيار باكستاني آخر كان يطير بطائرة "ميغ" مصرية طائرة للاحتلال من طراز "إف-4".
هذه المواقف لم تغب عن الذاكرة الفلسطينية بصفة خاصة، ففي نعيها لسيف الله الأعظم قالت سفارة فلسطين في باكستان "إنه لم يغب ولن يغيب عنا إلا بجسد، فقد كان نموذجا فذا وفريدا بين الطيارين في الدول الإسلامية".
#كلمات_دالة :
صباح حضرموت