متابعات صباح حضرموت
أعلن رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي خلال عطلة نهاية الأسيوع الماضي أن الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حاسمة في معركة بلاده لمنع تفشي فيروس كورونا في البلاد.
فمنذ تأكيد أول إصابة بالفيروس في 30 يناير/ كانون الثاني الماضي، اتخذت الهند عدداً من الإجراءات في اطار مساعي مكافحة فيروس كورونا. فقد خففت من نسبة من يستحقون الاختبار لمعرفة اصابتهم بالفيروس وأعادت العمل بقانون الأمراض الوبائية القاسي الذي يعود الى الحقبة الاستعمارية وصدر قبل 122 عاماً لتقييد التجمعات العامة.
ومن المقرر أن تمدد فترة الإغلاق الصارمة الحالية التي تنتهي في 15 أبريل حتى نهاية الشهر. ويواصل أكثر من مليار شخص البقاء في منازلهم ، ولا يزال النقل البري والسكك الحديدية والنقل الجوي معلقاً.
وخضع حوالي 180 الف شخص لاختبارات فيروس كورونا حتى الآن وتبين أن حوالي 4.3٪ منهم مصابون. وتسبب الفيروس بموت 273 شخصاً حتى الآن. وقد اتسع انتشار الفيروس إلى ما يقرب من نصف مقاطعات الهند البالغ عددها 700 وتم تحديد العديد من البؤر النشطة..
ينظر خبراء الصحة العالميون باهتمام إلى كيفية تصدي الهند للفيروس. يمكن لعدد لسكانها الكبير ومساحتها المترامية ونظام الصحة العامة الضعيف أن يجهض بسهولة أفضل الجهود لاحتواء انتشار العدوى.
وقال لي أحد علماء الفيروسات البارزين ، وأصر على عدم الكشف عن هويته، "إنه أمر يثير قلق الكثير من الناس". وأضاف "إننا لا زلنا في المراحل الأولى في مسار انتشار الفيروس هنا. في غضون ثلاثة إلى أربعة أسابيع ، ستكون الصورة أكثر وضوحا".
تعتقد الخبيرة الاقتصادية شاميكا رافي، زميلة معهد بروكينغز وتتابع هذه العدوى عن كثب، أن الهند لا تسير في الاتجاه الخاطئ في هذا المجال. وتقول إن عدد حالات الإصابة يتضاعف كل سبعة أيام ، وهو معدل أبطأ من ذي قبل.ومعدل الوفيات لا يزال منخفضًا رغم أنه يرتفع.
وقالت لي: "تم احتواء معدل نمو العدوى عندنا بشكل كبير على الرغم من حقيقة أننا نطارد النيران".
وجميع الاختبارات كانت تقريباً حسب القواعد المعتمدة وشملت الأشخاص الذين سافروا إلى الخارج وتتبع الأشخاص الذين كانوا على اتصال بهم، وما إلى ذلك. وكان هناك احتمال للعثور على حالات إصابة أكثر بين هذه المجموعة".
ويشير الكثيرون أيضاً إلى عدم وجود تقارير حول أي زيادة في عدد الأشخاص الذين يرقدون في المستشفيات نتيجة الإصابة بالأنفلونزا وغيرها من الأمراض والمصابين بالفيروس Covid-19 ، وهو مؤشر على سرعة انتشار العدوى بين السكان.
وقد يكون سبب ذلك نقص المعلومات أو ضعف آليات تسجيل المرضى. هناك مستشفى خاص في وسط مدينة إندور يشهد بالفعل زيادة في عدد الحالات ويعالج أكثر من 140 مريضاً بفيروس كورونا وتقريباً ثلثهم في العناية المكثفة. كان المستشفى يبلغ عن حوالي 40 حالة جديدة يوميا بنهاية الأسبوع الماضي.
أوضح لي الدكتور رافي دوسي، أخصائي الصدر في المستشفى: "كنا نعتقد أن العدوى في تراجع، لكننا نواجه زيادة مفاجئة منذ يومين".
لكن آخرين مثل ت. جاكوب جون، أستاذ علم الفيروسات المتقاعد، يرون أن على الهند الاستعداد لأسوء الاحتمالات.
وأضاف: "لا أعتقد أننا ادركنا حتى الآن ضخامة المشكلة التي من المحتمل أن تواجهنا في الشهرين المقبلين". "الفيروس أملى لفترة طويلة علينا استجاباتنا بدلاً من العكس".
ويقول الدكتور جون إن استجابة الهند كانت إلى حد كبير "مبنية على الأدلة وتجاوبية بينما كان ينبغي أن تكون استباقية ومبنية على سيناريو احتمال انتشار الفيروس".
نفت وزارة الصحة الهندية بشدة حدوث عدوى داخل التجمعات السكانية رغم قول الأطباء من جميع أنحاء البلاد إنهم يرون مرضى يعانون من أعراض الفيروس كوفيد-19 منذ أوائل مارس/ آذار الماضي.
ويقول الدكتور جون: "يبدو أن التركيز كله منصب على العثور على دليل على انتقال العدوى بين السكان، إنه خطأ تكتيكي، نحن نعلم جميعاً أن هناك عدوى بين السكان".
ويعتقد الدكتور رافي أن الوقت عامل حاسم للنجاح في هذه المعركة "كل أسبوع في منتهى الأهمية الآن".
سيتطلب تخفيف الإغلاق لتفادي مواجهة انهيار اقتصادي ولاستقرار انتشار الفيروس المزيد من اختبارات المراقبة لمعرفة من هو المصاب ومن هو غير المصاب.
ستحتاج الهند بعد ذلك إلى الملايين من وحدات الاختبار واليد العاملة المدربة لتنفيذ المهمة. الاختبار هو أيضاً عملية كبيرة للغاية فهو يتطلب وجود سلسلة تبريد ونقل لعشرات الآلاف من العينات إلى المختبرات. موارد الهند محدودة وقدراتها أيضاً محدودة ولتجاوز هذه المعضلة يقترح الدكتور رافي القيام اتباع "الاختبار الجماعي" الذي اقترحته منظمة الصحة العالمية.
ويتضمن ذلك جمع عدد من العينات في أنبوب واحد واختبارها دفعة واحدة بناء على مسحات من الأنف والحلق على النحو الذي أوصت به منظمة الصحة العالمية.
إذا كانت نتيجة الاختبار سلبية فإن جميع الأشخاص الذين تم اختبارهم سلبيون. اما إذا كانت إيجابية فيجب اختبار كل شخص بحثا عن حامل الفيروس. يقلل "الاختبار الجماعي" من الوقت اللازم لاختبار عدد كبير من السكان.
ويوضح الدكتور رافي: "إذا لم يكن هناك أثر للعدوى في بعض المناطق فيمكننا السماح لها بالنشاط الاقتصادي".
يعتقد علماء الفيروسات أن على الهند أيضاً إجراء اختبارات الاجسام المضادة للسكان على نطاق واسع لمعرفة مدى مناعتهم ضد الفيروس.
هذا الاختبار سهل وسريع ويمكن التوسع فيه إلى حد كبير. فهو اشبه بإعطاء قطرات لقاح شلل الأطفال الذي نجحت فيه الهند.
يقول أحد علماء الفيروسات: "نحتاج إلى اختبار الأجسام المضادة كأداة للصحة العامة وليس كأداة تشخيصية". "نحن بحاجة إلى تحديد الأشخاص الذين تعافوا من العدوى وإعادتهم إلى العمل لأنهم لم يعودوا في خطر".
إضافة إلى ذلك تحتاج الهند إلى دراسة العلاج بواسطة بلازما الدم، كما قال علماء الفيروسات الذين تحدثت إليهم. وهذا ينطوي على استخدام الدم بموافقة المرضى الذين قاوموا بنجاح العدوى. يمكن حقن المرضى ببلازما الدم الغنية بالأجسام المضادة للفيروس. يقول العديد من الأطباء إنه "هدف طموح" في علاج المرض.
معظم علماء الفيروسات الذين تحدثت إليهم أجمعوا أن على الهند إجراء اختبارات أكثر بكثير. من الناحية المثالية أي شخص لديه "أي عدوى في الجهاز التنفسي العلوي" يجب أن يكون مؤهلاً للاختبار.
لا تمتلك الهند ثقافة إجراء اختبار للأمراض المعدية لأن معظم المواطنين لا يستطيعون تحمل نفقاته. والتخفيف من المخاطر ليست متأصلة في الثقافة الوطنية.
وحسب أحد علماء الفيروسات "نميل إلى العلاج بدلاً من الاختبار. نحن نعتمد على العلامات والأعراض الطبية للمرض بدلاً من معالجة سبب أو أسباب المرض أو الحالة، نجري الاختبارات فقط عندما نكون مرضى".
يقول الدكتور جون صحيح أن الحكومة "تخوض الحرب على الفيروس بقوة عضلاتها الإدارية"، لكن ذلك قد لا يكون كافيا.
يشتكي الكثيرون من أنه بخلاف النداءات والمناشدات التي يوجهها رئيس الوزراء والتقارير الروتينية التي يقدمها الموظفون، فإن المعلومات حول انتشار الفيروس وسعة الاختبارات كانت غامضة ومحدودة في الغالب. أصبح ارتداء الأقنعة إلزامياً الأسبوع الماضي فقط.
بفضل نظامها الممتاز للصحة العامة واستجابتها الجيدة، يبدو أن ولاية كيرالا الجنوبية فقط هي التي نجحت في منع تصاعد عدد الإصابات حتى الآن. ويقول أحد علماء الفيروسات: "أمامنا مسيرة طويلة. لا يمكننا التعامل مع الهند على أنها حلقة واحدة من تسطيح منحنى الإصابات والتوقف عند ذلك، الفيروس لا يفقد ضراوته وجميع الولايات لن تشهد صعودا وهبوطا في منحنيات الإصابة في وقت واحد".
قد نعلم خلال الأسابيع المقبلة ما إذا كانت الهند ستواجه ارتفاعاً كبيراً في عدد الإصابات أم نشهد استقرار عدد الإصابات. ويقول الدكتور جون: "هذه أحجية من ألف قطعة. لن تكون هناك إجابات سهلة".